Friday, June 1, 2007

العدم


الوجود والعدم مصطلحين لهما مكانة ممتازة في الفكر البشري لا يوجد مفكر أو فيلسوف ولم يقف أمامهما ويحاول تعريف كل منهما وكأنهما أورق اعتماد، لا ينصب المفكر بدونهما ولعل أشهر من ناقشوا موضوع الوجود هو ديكارت برغم البدائية التي ناقش بها هذا الموضوع .

الوجود عند ديكارت ليس بالشيء المطلق فهو اعتمد في تفكيره على ما يمكن

أن نطلق عليه درجات الوجود التي اصطلح كثيرين على تقسيمها إلى :

1) العالم بذاته ( كما هو عليه أو كما هو حادث بالفعل)

As it exist

2) العالم كما نراه وندركه بحواسنا وبالخيال الناشئ عن الخبرات المباشرة

3) العالم البيني

الذي ندركه بالربط المنطقي والرياضي والوصل بينهما وبين المعطيات الحسية

عن طريق التنظير(physical models) .

عن طريق إدراك الفروق بين هذه العوالم الحادثة بالفعل يتضح لنا أن الوجود غير مطلق وأنه ثمة درجات للوجود أعلاها في المثال الموضح هو العالم

بذاته أو كما هو عليه بالفعل .

حتى نهايات القرن السابع عشر كانت تلك هي أهم التضمينات في النظر إلى الوجود ومحاولة تعريفه .

من اللافت للنظر أن مشكلة تعريف العدم كمفهوم لم تصبح موضوع أساسي في الفكر الغربي إلا في نهايات القرن التاسع عشر

ومن اللافت للنظر أني لم أقرأ حتى الآن تعريف للعدم إلا التعريف المشهور

العدم هو انتفاء الوجود أو نقيض الوجود .

ولكي نعلم أن هذا التعريف ما هو إلا لعب مخجل بالألفاظ سنعود إلى

شروط التعريف المقبول :

1) لابد أن يحتوي التعريف على أسماء ذات معنى محدد وواضح.

وجدير بالملاحظة أن تعريف الوجود مازال مشكلة فكرية.

2)لا يمكن تعريف الرمز بأكثر من تعريف لأن هذا يوقعنا في اللبس

والغموض .

3 ) بساطة التعريف

بمعنى أن لا يدخل في التعريف ألفاظ أخرى تحتاج هي نفسها إلى التعريف

4)عدم ذكر المعرف أو مرادف له مرة أخرى بالتعريف وإلا نصبح كمن عرف الماء بعد الجهد بالماء.

5) عدم التعريف باستخدام النقيض بمعنى أن نقول أن الباطل هو ما ليس بحق

ومن هنا يتضح لنا ضعف تعريف العدم بالنظر إلى شروط التعريف الصحيحة

هل تعريف العدم مشكلة لازمة ؟

من وجهة نظري أن العدم لم يصبح مشكلة لازمة إلا عندما استقر المفكرين على مسلمة حتمية وجود النقيض والتي استمدت من الفيزياء الحديثة شرعية كادت أن تصل إلى حد التقديس.

كان اكتشاف (باولي) للجسيمات المضادة ثم الاستقرار على وجود نقيض لكل جسيم مخالف له في الشحنة واللف المغزلي(charge and spin) أثره على الفكر الغربي واستقرار الاعتراف بحتمية وجود النقيض حتى بالنسبة للمعرفات

المعنوية التي لا ندركها بطريقة مادية مثل العدم.

No comments: